مع انتشار فيروس كورونا وما فرضه على الجميع من تباعد اجتماعي وما تسبب فيه من اضرار جسيمة في كل المجتمعات الإنسانية والاقتصاد ، الا ان هناك تغيرات جذرية ومفيدة حدثت في العديد من المجالات من أهمها مجال التعليم ، في هذا المقال سأتحدث عن الدور الذي لعبه الفيروس في إخراج مشروع التعليم عن بعد من الأدراج إلى التطبيق العملي في الكثير من المدارس والجامعات ، وكيفية استغلال تكنولوجيا الواقع المعزز والافتراضي في جعل عملية التعليم عن بعد أكثر تشويقا وتفاعلية .
وفقا لتقرير منظمة ” اليونسكو ” أن “انتشار الفيروس سجل رقما قياسيا للأطفال والشباب الذين انقطعوا عن الذهاب إلى المدرسة أو الجامعة. ففي 12 مارس، أعلنت العديد من الدول عن إغلاق المدارس والجامعات لمنع انتشار الفيروس أو لاحتوائه ، و قامت المدارس والكليات الجامعية بإلقاء المحاضرات الافتراضية وتمكين الطلاب من متابعة المحاضرات في بيوتهم عبر أجهزة الكمبيوتر، ولولا هذه الجائحة الوبائية لما قامت مدارسنا وجامعاتنا بممارسة التعليم عن بعد بهذا الثراء ، وتؤكد المؤشرات أن التعليم عن بعد سيحقق مزيدا من الانتشار في كل أنحاء العالم، وستكون له المكانة الرئيسية في منظومة التعليم في كل مكان ، وفي ظل الاهتمام العالمي بالتعليم عن بعد، فإن معهد راية العالي للإدارة والتجارة الخارجية بدمياط الجديدة لم يتأخر عن بناء وفتح بوابات التعليم عن بعد أمام طلابه ، وكان له السبق والنجاح في اجراء الامتحانات عن بعد لإنهاء العام الدراسي في ظل الظروف العصيبة التي كانت تمر بها البلاد .
وتعد قضية تطوير التعليم وادواته من اهم القضايا الملقاة على المؤسسات التعليمية ، ولما كان العالم اليوم يتميز بثورة تكنولوجية ومعلوماتية هائلة اثرت في مختلف ميادين الحياة كان لزاما على المؤسسات التعليمية التوجه نحو استغلال التكنولوجيا وتوظيفها بما يفيد العملية التعليمية ، فاليوم لم يعد طلاب المدارس والجامعات يرغبون في التعلم من خلال قراءة الكتب ونسخ النصوص، وإنما يريدون استغلال امتيازات التكنولوجيا لاستخدامها في الفصول الدراسية. وتعد تكنولوجيا الواقع الافتراضي والمعزز بمثابة تكنولوجيا ناشئة ومبتكرة تهدف الى تقديم المساعدة للأفراد ليتمكنوا من فهم وإدراك البيانات والمعلومات والتعامل معها بسهولة ، كما تتميز هذه التكنولوجيا بإيجاد نوع من التفاعل ، كذلك تعد تكنولوجيا الواقع الافتراضي تقنية متطورة تمكن الفرد من التعامل مع بيئة خيالية ، وتقوم على أساس المحاكاة بين الفرد وبيئة الكترونية ثلاثية الابعاد ، واظهرت العديد من الدراسات أن استخدام الواقع المعزز في الفصول الدراسية يجعل الطلاب أكثر انشغالا بالمادة، ويتعلم الطلاب بشكل أعمق باستخدامه. كما بينت إحدى الدراسات أن إدخال التكنولوجيا يجعل 87٪ من الطلاب أكثر حضورا و72٪ منهم أكثر تفاعلا ومشاركة في الفصل، كما أوصى مؤتمر التعليم عن بعد بإعادة بناء المناهج بصورة رقمية وتوفير متطلباته من تدريب وأدوات وفق خطة زمنية مجدولة .
مفهوم تقنية الواقع المعزز والافتراضي : Virtual and Augmented Reality ( VR & AR)
ظهرت تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز لتركز على مشهد جديد كليا لا يمكن لمسه باليد المجردة بل يتم ادراكه حسيا عبر تشكيلة من المؤثرات البصرية والصوتية الاصطناعية ، وعلى الرغم من التشابه في الهدف العام الذي تهدف له تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز الا ان هناك فروق بينهم سنوضحها فيما يلي :
الواقع الافتراضي (VR) :هي بيئة افتراضية مجسمة ثلاثية الابعاد يصنعها الحاسب من خلال نظارات الواقع الافتراضي VR headset مع الاستعانة بتطبيقات خاصة تدعم هذه التقنية ، بالإضافة الى أجهزة استشعار خاصة، حيث يتم حجب العالم الحقيقي بعالم آخر افتراضي – كأنك انتقلت من مكان الى مكان آخر – ويكون المستخدم منغمسا في بيئة افتراضية يتفاعل معها من خلال محاكاة العديد من الحواس مثل الرؤية والسمع وللمس .
الواقع المعزز(AR) :هي تقنية تفاعلية متزامنة تدمج خصائص العالم الحقيقي مع عالم افتراضي بشكل ثنائي او ثلاثي الابعاد، مثل توليد صورة افتراضية او أصوات او معلومات نصية داخل البيئة الحقيقية ، بمعنى آخر تقنية تسمح بإضافة المحتوى الرقمي بسلاسة لإدراك وتصور المستخدم في العالم الحقيقي.
مميزات استخدام تقنية الواقع المعزز والافتراضي في التعليم :
- قابلية التعلم المادي: فإن الواقع المعزز والافتراضي قادر على استبدال ورق الكتاب ، والنماذج الجسدية والملصقات والكتيبات المطبوعة بموادٍ تعليميةٍ قابلةٍ للنقل وبكلفةٍ أقل. وبذلك يصبح التعليم أكثر سهولةً وقابليةً وحركة.
- يمنح التعليم متعةً وجاذبيةً: فالواقع المعزز بما يقدمه من تفاعل ودمجٍ لعناصر اللعب في التعليم يجعل التعلم عملية ممتعة وغير مجهدة وذات تأثير إيجابي جدا على الطلاب ويتركهم مستمتعين في الدرس.
- يحسن قدرات التعاون: تقدم تطبيقات الواقع المعزز والافتراضي فرصا كثيرة للتنويع وبث الحياة في الصفوف المملة، والدروس التفاعلية التي تشمل كل الطلاب في عملية التعلم بنفس الوقت وتساعدهم على تحسين مهارات العمل كفريق.
- يجعل عملية التعليم أكثر سرعة وفاعلية: يساعد الواقع المعزز والافتراضي الطلاب على تحقيق نتائجٍ أفضل من خلال التخيل والانغماس الكامل في الموضوع؛ فبدلا من قراءة نظرية حول شيء ما يستطيع الطلاب رؤيتها بأعينهم فعليا.
- التعلم العملي: بعيدا عن الدراسة، تفيد هذه التكنولوجيا بشكل كبير في التدريب الاحترافي، مثلا يساعد الاستنساخ الدقيق للحالات الميدانية في مجال معين على إتقان المهارات العملية الضرورية لعمل محدد.
- تدريب آمن وفعال في مكان العمل: يمنح الواقع المعزز والافتراضي إمكانية التدرب على عملية قلب جراحية أو تشغيل مركبة فضائية دون تعريض أناس آخرين للخطر أو هدر المال الكثير عند حدوث خطأ ما.
تحديات استخدام تقنية الواقع المعزز والافتراضي في التعليم :
بالرغم من الفوائد المذكورة للواقع المعزز، هناك عدد من الأخطار المعينة التي يجب أخذها بالاعتبار عند استخدام الواقع المعزز في التعليم.
- نقص التدريب الضروري لتطبيق برامج الواقع المعزز والافتراضي في التعليم.
- نقص الأجهزة والأدوات اللازمة لتطبيق هذه التكنولوجيا في التعليم.
- أمور تتعلق بإعادة صياغة المحتوى التعليمي0
نظرة مستقبلية للواقع الافتراضي والمعزز :
ختاما نود ان نقول انه مع استمرار التطور البشري، يستمر تطور التقنيات الحديثة والتطبيقات المتنوعة. الواقع الافتراضي والمعزز هو أحد هذه التطورات ويمكن أن يكون إضافة حيوية إلى العملية التعليمية . والعديد من الخبراء يدركون منافعها التعليمية المحتملة، ولابد ان نعلم انه اي تغيير قد يقابله معارضة ومقاومة لإبقاء الطلاب ملتزمين بمواضيع الفصل الدراسي ولعدم الرغبة في التغيير ، ولكن مع القاء الضوء على منافع دمج هذه التقنية في التعليم والتي تتمثل في في زيادة تفاعل الطلاب ومساعدتهم على فهم المواد بشكل أفضل خاصة مع أجيال التكنولوجيا الرقمية ، نجد ان هذا التحول مطلوب وآتي لا محالة .